رياض الصيداوي لإذاعة (روسيا اليوم) العالمية: أمير قطر خدم مشاريع المخابرات الأمريكية وهو الآن يواجه مصير أبيه ويدفع الثمن
حاوره: فهيم الصوراني.
نص الحوار:
سؤال: رياض الصيداوي مدير المركز العربي للدراسات السياسية والإجتماعية في جنيف أهلا بكم ضيفا على موجات إذاعة صوت روسيا من موسكو، أناقش مع حضرتك ما تتناقله اليوم وسائل الإعلام حول قرار الشيخ حمد بن خليفة أمير قطر بالتنازل عن الحكم لابنه تميم ولكن حسب ما يتوارد على وسائل إعلامية بأن هذا القرار لم يكن قرارا شخصية بدافع الحالة الصحية التي يمر بها الأمر حمد وإنما وفقا لهذه المصادر أتى بقرار أمريكي نقل إلى الأمير حمد من قبل مسؤول بارز في وكالة الاستخبارات الأمريكة، برأيكم ما الذي يحدث الآن داخل الأسرة الحاكمة ولماذا هذا القرار؟
جواب: أول شيء قد لا بد أن نشرح للمستمع الكريم ما هي طبيعة النظام السياسي في قطر، في العلوم السياسية نصنفها كملكية استبدادية مطلقة بما أنها ملكية غير دستورية وبما أنه بلد لا توجد فيه أي شكل من أشكال الحداثة السياسية أو الديمقراطية، فلا انتخابات ولا تعددية حزبية ولا تعددية إعلامية، يمكن أن ينتقد الأمير مثلا الشاعر محمد بن ذيب العجمي الذي ألف قصيدة كلنا تونس وانتقد فيها فيها بشكل مهذب أمير قطر وقد حكم عليه بالسجن المؤبد ثم خفض عنه 15 سنة بعد أن تدخل الحقوقيون والمجتمع الدولي، إذا نحن أمام نظام استبدادي مطلق. في هذه الحالات الانتقال في السلطة في الأنظمة الاستبدادية المطلقة لا يتم عبر الشفافية ولا يتم عبر صناديق الانتخابات، وإنماعبر ما نسميه المكيدة الداخلية وصراعات القصر، وهذا مثلا ما فعله حمد ضد أبيه الذي عزله وانقلب عليه وتقريبا كل العائلات في الخليج حدثت فيها مثل هذه الانقلابات العائلية، الابن ضد أبيه أو الأخ ضد أخيه، لكن أيضا في الحالة القطرية تم التعقيد أكثر وهو أن ما يحدث في القصر ليس بمعزل عن الخارج، بمعنى ليس في علبة سوداء مغلقة وإنما هناك تدخلا كبيرا في الشؤون القطرية بشكل واضح وفاضح من قبل الولايات المتحدة الأمريكية التي تمتلك أكبر القواعد العسكرية في منطقة الشرق الأوسط وتحديدا قاعدة العديد وهي أكبر قاعدة جوية في المنطقة، ثم قاعدة السيلي وهي أكبر قاعدة برية في المنطقة ومن الصدف أن هذا الأمير حمد هو الذي دعا الأمريكان أن ينصبوا قواعدهم في قطر وخدم المشروع الأمريكي كما لم يخدمهم أي أحد في الواقع، لأنه حتى تمويل ثورات الربيع العربي بين قوسين قامت بها قطر لحساب وكالة المخابرات المركزية الأمريكية لغسقاط معمر القذافي أو زعزعة النظام في سوريا أو في تونس أو في مصر وهذا يكلف مليارات الدولارات، والمواطن الامريكي يرفض أن يدفع هذه الأموال كضرائب من أجل إسقاط أنظمة خارج وطنه
وبالتالي تتكفل قطر لأنه لا يوجد برلمان ولا توجد فيها محاسبة ولا يوجد دافع الضرائب القطري، والمواطن القطري لا يستطيع أن يحاسب الأمير عن هذه الأموال فلذلك تكفلت قطر بهذا المشروع، ولكن برغم ذلك فإن الأمريكان ممكن أن يتخلوا عنه لأن السياسة الأمريكية في المنطقة واضحة، فليس لديها اصدقاء إلى الأبد وليس لدينا أعداء إلى الأبد، ولدينا فقط مصالح أبدية.
سؤال: ولكن هذا التغير في بنية الحكم في قطر يأتي في ظرف تلعب فيه قطر دورا واضحا يتجاوز المنطقة وصولا إلى بلدان عربية وإلى افريقيا حيث هناك استثمارات في مشاريع كبرى في مختلف أرجاء العالم في ذروة محاولة توسيع النفوذ القطري، نشهد هناك تغيرا، فبرأيكم إلى ماذا يعود هذا التغير من وجهة نظر ما يحدث الآن من أحداث ولا سيما في سوريا؟
جواب: قطر أصبحت مكروهة جدا وخاصة في دول الربيع العربي، وصور أمير قطر وصور العلم القطري تم حرقها في تونس وحرقها في ليبيا وحرقها في مصر وتم حرقها من قبل القوى الديمقراطية ومن قبل قوى المجتمع المدني ومن قبل التقدميين واليساريين والليبراليين وليس من قبل القوى الديكتاتورية، لأن قطر تتدخل سلبا في شؤون هذه الدول وتتدخل بدعمها اللامشروط لجماعات الاخوان المسلمين وفي بعض الأحيان للجماعات الجهادية. بالنسبة للجماعات الجهادية مثلا شنت الصحافة الفرنسية حملة شديدة على قطر واتهمتها صراحة بدعم القاعدة في مالي، وقطر أيضا هي التي تدعم جبهة النصرة وتدعم القاعدة في سوريا ثم أيضا في تونس ومصر واليمن وغيرها وتدعم حركات الاخوان المسلمين إعلاميا أو ماليا بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر، وهذا انعكس على ردود أفعال فأصبح النظام مكروها وأصبحت صور حمد تحرق في العواصم العربية في تونس ومصر وليبيا وخاصة في المنطقة الشرقية، ونقول أنه تغيرت هذه الصورة لقطر التي بنت قناة الجزيرة التي أرادت في البداية نشر الديمقراطية والحرية، ونحن نذكر دائما أن فاقد الشيء لا يعطيه، وكما قلنا أن قطر ديكتاتورية مطلقة، وقد رجعت عليها بالوباء الكبير داخليا وخارجيا وعلاقة قطر أصبحت محترقة وبخاصة في الأزمة السورية لأن قطر راهنت على سقوط نظام بشار الأسد بسرعة كما حدث في ليبيا وهو ما يفسر إلحاحها الشديد في الجامعة العربية وفي مجلس الأمن على أساس الحلف الأطلسي يتدخل عسكريا في سوريا ويقصف دمشق كما قصف طرابلس حتى يسقط النظام، لأنه ثمة خوف ورعب لدى حمد لأنه إذا انتصر بشار الأسد فإن الرئيس بشار الأسد سيثأر منه لذلك الآن يشعر بأن اللعبة خرجت من أيديه وحتى أن اللعبة خرجت من أيدي واشنطن، والنظام السوري صمد وأصبح في عداد المنتصرين وسيكون حمد أول الخاسرين من الأزمة السورية.
سؤال: بناء على ما تفضلت به يمكن أن ننتظر تغيرات في السياسة القطرية الخارجية في حضورها الإقليمي وكيف سيكون انعكاس هذه التغيرات وتأثيرها على الحركات التي تدعمها قطر في المنطقة ولا سيما حركة الاخوان المسلمين؟
جواب: وريث حمد والذي هو ابنه تميم في الثلاثينات من عمره وهو من زوجته موزة التي لديها نفوذ كبير في القصر الأميري في قطر وليس أكبر أبنائه، لأن أكبر أبنائه هو من زوجته الأولى التي تم تهميشهم وإبعادهم عن الحياة السياسية وإعطاء المناصب والقوة لتميم. ومن المعروف أن لتميم علاقة مع المتشددين القطريين وللعلم وهذا ما لا يعرفه أكثر المتابعين أن قطر هي الدولة الوهابية الثانية في الخليج العربي بعد السعودية، أما بقية دول الخليج غير وهابية، لكن قطر تحالفت مع تنظيم الاخوان المسلمين ثم أسست عام 2004 اتحاد العالمي لعلماء المسلمين ووضعت القرضاوي على رأسه ليواجه الوهابية السعودية، إذا السياسة طبعا ستتغير كليا أو على الأقل ستنخفض لأن الأمير الجديد سيصحح أخطاء أبيه وسيحاول أن يمد الجذور مع نظام بشار الأسد وسيغير السياسة التي بمقتضاها أصبحت قطر مكروهة ومعزولة شعبيا وعربيا وبخاصة لدى القوى الديمقراطية في الوطن العربي.
سؤال: لوحظ أن موقع قناة الجزيرة ووتلفزيون الجزيرة لم يتطرق إلى هذا الموضوع لا من قريب ولا من بعيد رغم أنه لم تتجاهله أي وسيلة إعلامية أخرى، فكيف نفسر هذا التعتيم وتجاهل لخبر وحدث من هذا النوع؟
جواب: سبق وقلت في عديد من المنابر الإعلامية وحتى في دراسات علمية وسيسيولوجية قمت بها وفي ندوات علمية أيضا، قناة الجزيرة تساوي صفر حرية بمعنى أنها لا تطبق بما نسميه بعلم الصحافة بقانون القرب، وهذا يعني مثلا أنه إذا حدث في موسكو شيء فإذاعة صوت روسيا هي الأولى المطالبة بالحديث عنه، اي أن القرب هو أن تبدأ بنفسك بأقرب شيء لك ثم تبتعد شيئا فشيئا، وهذا يعني أن الجزيرة هو أنها يجب بالدرجة الأولى التحدث عن الدوحة في قطر ثم في السعودية وثم الإمارات إلى أن تصل إلى الجزائر وسوريا وغيرها وهذا قانون مقدس في علم الصحافة اسمه قانون القرب. الجزيرة تساوي صفر حرية لأنه لا علاقة لها بالحرية والديمقراطية باعتبارها أولا مملوكة لنظام سياسي استبدادي مطلق وهذا تصنيف في العلوم السياسية لقطر، فبالتالي هي تخضع لأجندة صارمة لهذا النظام ولا يهمها ما يحدث في قطر، وسبق أيضا أن تغاضت عن مثل هذا الشيء لأنه حدث مرة انفجار في الدوحة في مدرسة فرنسية وكل العالم تحدث عنه وكل وكالات الأنباء تحدثت عنه إلا قناة الجزيرة لم تذكره إلا باقتضاب وبعد ساعات وساعات من حدوث الحدث، وأكثر من ذلك فإن قناة الجزيرة انهارت على مستوى المشاهدين وآخر الاحصائيات تقول أن عدد مشاهدة الجزيرة انهار من 43 مليون مشاهد يوميا إلى ستة ملايين فقط من المشاهدين وخاصة بعد الأزمة السورية لأنها أخذت موقفا غير مهني وغير احترافي وإنما منحازا تماما ولم تعد قناة إعلام وإنما أصبحت قناة تحريض، وهذا ما دفع محمد حسنين هيكل لانتقادها والتهجم عليها وقال أنتم أصبحتم محرضون وليستم بإعلاميين وانتهت هنا الجزيرة، وليس بالمفاجأة ألا تتحدث عما يحدث في القصر الأميري وما يحدث في قطر، وقناة الجزيرة أسست لتتدخل في شؤون الدول العربية الأخرى الأكثر انفتاحا والأكثر ديمقراطية ونكرر ونقول فاقد الشيء لا يعطيه. وقطر مصنفة في العلوم السياسية ملكية استبدادية مطلقة وهذه الملكية الاستبدادية المطلقة تمتلك أموالا طائلة واشترات إعلاميين وصحفيين ولكنها لا تستطيع أن تشتري الحرية وتشتري الديمقراطية.
قم بكتابة اول تعليق